الشّيعة والكذب لا يتلفظ بلفظ الشيعة إلا ويتجسم الكذب معه، كأنهما لفظان مترادفان لا فرق بينهما، فتلازما من أول يوم أسس هذا لمذهب وكون هذا الدين، فما كان بدايته إلا من الكذب وبالكذب. ولما كانت الشيعة وليدة الكذب أعطوه صبغة التقديس والتعظيم، وسموه بغير اسمه، واستعملوا له لفظة "التقية"، وأرادوا بها إظهاراً بخلاف ما يبطنون، وإعلاناً ضد ما يكتمون، وبالغوا في التمسك بها حتى جعلوها أساساً لدينهم وأصلاً من أصولهم إلى أن نسبوا إلى واحد من أئمتهم – المعصومين عندهم – أنه قال: كما يرويه بخاريهم محمد بن يعقوب الكليني: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له" قاله أبو جعفر، الإمام الخامس – حسب زعمهم" ["الكافي في الأصول" باب التقية، ص 219 ج2 ط إيران ص484 ج1 ط الهند]. وروى الكليني أيضاً عن أبي عمر الأعجمي أنه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا عمراً إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له" [أيضاً ص217 ج2 ط إيران، ص482 ج1 ط الهند]. وأكثر من ذاك فقد روى الكليني هذا في صحيحه "عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله "ع" التقية من دين الله، قلت: ومن دين الله؟ قال: أي والله من دين الله" [أيضاً ص217 ج2 ط إيران، ص 483 ج1 ط الهند]. فهذا هو دينهم الذي يدينونه، وهذا هو معتقدهم الذي يعتقدون به، فما هو إلا كتمان للحق وإظهار للباطل، فقد وضعوا لهذا حديثاً فقالوا: عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله" [أيضاً ص222 ج2 ط إيران، ص485 ج1 ط الهند]. وكيف هذا مع ذاك: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" [سورة المائدة الآية 67]. وقد قال الله عز وجل: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" [سورة الحجر الآية 94]. وقال رسوله عليه السلام في حجة الوداع معلناً دينه ومظهراً كلمته: ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع" [متفق عليه]. وقال : نضر الله امرأ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى له من سامع" [رواه الترمذي]. وقال عليه السلام: "بلغوا عني ولو آية" [رواه البخاري]. ومدح الله سبحانه وتعالى أنبيائه ورسله بقوله: الذين يبلغون رسالات الله ويخشون ولا يخشون أحداً إلا الله" [سورة الأحزاب الآية39]. كما مدح أصحاب رسول الله حيث قال: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً، ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم، إن الله كان غفوراً رحيماً" [سورة الأحزاب الآية23 و24]. وقال: ولا يخافون لومة لائم" [سورة المائدة الآية54]. وذم المنافقين على كذبهم فقال: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسوله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" [سورة المنافقون الآية1]. وبيّن أوصافهم: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم، إنما نحن مستهزئون" [سورة البقرة الآية 14]. ثم بين جزائهم وقال: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، ولن تجد لهم نصيراً" [سورة النساء الآية145]. ونهى رسول الله عن الكذب وذمه، وأمر بالصدق ومدحه كما يرويه البخاري ومسلم: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاًن وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" [رواه البخاري ومسلم]. وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: سمعت رسول الله يقول: كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق وأنت به كاذب" [رواه أبو داود]. التقية دين وشريعة ذاك ما يعتقده المسلمون بأمر من الله ووصية من رسوله ، حيث الشيعة قد أدخلوا الكذب في المعتقدات وحتى معتقداتهم الأساسية. فها هو صدوقهم وشيخ محدثيهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي يقول في رسالته المعروفة – "الاعتقادات": التقية واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة" – وقال -: التقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى، وعن دين الإمامية، وخالف الله ورسوله والأئمة، وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} قال: أعملكم بالتقية" ["الاعتقادات" فصل التقية، ط إيران 1374ه‍]. وكيف لا يكون من المعتقدات الأساسية عندهم وقد نسبوا إلى رسول الله كذباً وميتاً أنه قال: مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا رأس له" ["تفسير العسكري" ص162 ط مطبعة جعفرى الهند]. ونقلوا عن إمامهم المعصوم – الأول حسب زعمهم -، علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: التقية من أفضل أعمال المؤمن يصون بها نفسه وإخوانه من الفاجرين" ["تفسير العسكري" ص162 ط مطبعة جعفرى الهند]. وعن الإمام الثالث حسين بن علي أنه قال: لولا التقية ما عرف ولينا من عدونا – كأنّ الكذب معيار لمعرفة الشيعة ["تفسير العسكري" ص162 ط مطبعة جعفرى الهند]. وعن الإمام الرابع – علي بن الحسين أنه قال: يغفر الله للمؤمن كل ذنب ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين ترك التقية – يا للذنب – وترك حقوق الإخوان" ["تفسير العسكري" ص164 ط مطبعة جعفرى الهند]. وعن الإمام الخامس – محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر أنه قال: وأي شيء أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن" ["الكافي في الأصول" باب التقية ص220 ج2 ط إيران]. وقال: خالطوهم بالبرانية (أي ظاهراً) وخالفوهم باجلوانية (باطناً) [ولا ندري كيف يعترض لطف الله الصافي على السيد محب الدين الخطيب على ما كتبه صادقاً في رسالته ما نصه: وأول موانع التجاوب الصادق بإخلاص بيننا وبينهما ما يسمونه التقية، فإنها عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون، فينخدع سليم القلب منا بما يتظاهرون له به من رغبتهم في التفاهم والتقاربوهم لا يريدون ذلك ولا يرضون به ولا يعملون له" (الخطوط العريضة ص8 و9 ط6). فهل في هذه الرواية المروية في صحيحهم "الكافي" عن إمامهم غير ما قاله الخطيب؟ فماذا يريد بقوله: ألا يصير أضحوكة الناس من يقول أن الشيعة حيث يقولون بالتقية لا يقبل منهم إقرار واعتراف في عقائدهم وأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون" (" مع الخطيب للصافي" ص26 ط1). فمن يصير أضحوكة الناس بعد ما عرف أقوال أئمة الشيعة؟ أيظن الصافي أنه لا يوجد في العالم عالم بخباياهم ومكنوناتهم غيرهم؟ فيستطيعون أن يخدعوا من أرادوا خداعه، أو يظن الصافي بأن كل الناس مغفلون مثل الشيخ المصري الذي استطاع الشيعة خداعه، والذي يقول فيه الصافي أنه أبصر من الخطيب، مع أنه ليس من الضروري أن كل من يصل المراتب وينال المناصب يكون عالماً بصيراً ماهراً أيها الصافي، فكم من العلماء ما نالوا الدنيا ولا زخارفها لقولهم الحق ولإصداعهم الباطل، فليس الشيخوخة دليلاً على البصيرة والزعامة. وأما قول الصافي: إن التقية جائزة عند السنين فليس إلا افتراء باطلاً وبهتاناً عظيماً لأن أهل السنة لا يجوزون التقية الشيعية لأحد من المسلمين لا لهم ولا لغيرهم، وحاشا لله أن يكون ظاهرهم خلاف باطنهم، وقولهم غير معتقدهم، فهم من العصور المتقدمة معروفون بالصدق والأمانة والوفاء حيث الشيعة يمنعهم دينهم عن هذه المكرمات، وقد اعترف بهذا أئمتهم وروى في كتبهم، فيروي الكليني "عن عبد الله بن يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً، لهم أمانة وصدق ووفاء وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق، قال: فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالساً فأقبل علي كالغضبان ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام ليس من الله" ("الكافي في الأصول" ص237 ج1 ط الهند) فانظر أيها الصافي هذا ما قيل قديماً الفضل ما شهدت به الأعداء. فأهل السنة هم الذين أنجبوا أحمد بن حنبل الصارخ بالحق ومالك بن أنس المجاهر بالصدق، وأبا حنيفة المعلن لما يعتقد، وابن تيمية الصارم المسلول، وابن حزم المبطل للباطل، ورجالاً ملئوا التاريخ بتضحياتهم وجرأتهم وشهامتهم حينما كان أئمة الشيعة (كما يروون عنهم وينسبون إليهم) متسللين في الكهوف، مقنعين بالبراقع، متسترين بالأنقبة، وملتجئين إلى الكذب، فأين هؤلاء من أولئك، وأولئك أولئك كما قال جرير. أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع فلست بخداعك أيها الصافي! تخدع المسلمين، ولا للمسلمين أن ينخدعوا بمثل هذا الخداع. وأما الاتفاق والاتحاد فلا يمكن على صدق من جانب وعلى كذب من جانب آخر، وإخلاص من طرف وخداع من طرف ثان، فليكن الإخلاص من الطرفين، وليكن الصدق من الجانبين، وهذا لا يتأتى إلا بالتبرؤ من مسلك التقية، وأما بالتمسك بها، والحمية لها، والدفاع عنها، فلا يمكن أن يتأتى، ولا يمكن أن يتحصل.] إذا كانت الآمرة صبيانية" ["الكافي في الأصول" ص220 ج2 ط إيران]. وعن الإمام السادس – جعفر بن الباقر الملقب بالصادق والمكنى بأبي عبد الله أنه قال: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية يا حبيب! (اسم الراوي) إنه من كانت له تقية رفعه الله يا حبيب! ومن لم تكن له تقية وضعه الله" ["الكافي في الأصول" ص220 ج2 ط إيران]. وعن الإمام السابع – موسى بن جعفر أنه كتب إلى أحد مريديه علي بن سويد: ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا "هذا باطل" وإن كنت تعرف خلافه، فإنك لا تدري لم قلناه وعلى أي وجه وضعناه، آمن بما أخبرتك ولا تفش ما استكتمتك" ["رجال الكشي" ص256 تحت ترجمة علي بن سويد ط كربلاء العراق]. وعن الإمام الثامن – علي بن موسى أنه قال: لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، فقيل له يا بن رسول الله إلى متى؟ قال إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" ["كشف الغمة" للاردبيلي ص341]. فهذه هي عقيدتهم في الكذب وتقديسهم له وغلوهم فيه. وهل بعد هذا يمكن لأحد أن يعتمد عليهم، ويصدّق قولهم، ويمشي معهم، ويتفق بهم، ولقد صدق عالم شيعي هندي السيد "إمداد إمام" حين قال: إن مذهب الإمامية ومذهب أهل السنة عينان تجريان إلى مختلف الجهات وإلى القيامة تجريان هكذا متباعدتين لا يمكن اجتماعهما أبداً" ["مصباح الظلم" ص41 و42 في الأردية ط الهند]. وصدق الخطيب رحمه الله في عنوان رسالته "الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية واستحالة التقريب بينهما وبين أصول الإسلام في جميع مذاهبه وفرقه". فكيف الجمع بين الصدق والكذب؟ وكيف الاجتماع بين الصادق والكاذب؟ وليس الكاذب فحسب بل الكاذب الذي يظن الكذب ضرورياً، واجباً عليه، وأكثر من هذا يعتقده من أعظم القربات إلى الله. التقية ليس إلا كذباً محضاً وقد تناكر بعض الشيعة التقية، وتظاهروا "بأنهم لا يريدون بالتقية الكذب بل يقصدون بها كتمان الأمر صيانة للنفس ووقاية للشر". والحقيقة أنه ليس كذلك بل كذبوا في هذا أيضاً لأنهم لا يريدون من التقية إلا الكذب والخداع، والتظاهر بغير ما يبطنونه. فها هي الشواهد والبراهين على ذلك – فيروي محمد بن يعقوب الكليني في صحيحه "الكافي في الفروع" عن أبي عبد الله أن رجلاً من المنافقين مات فخرج الحسين بن علي صلوات الله عليهما يمشي معه، فلقيه مولى له فقال له الحسين عليه السلام: أين تذهب يا فلان، قال: فقال: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليها، فقال له الحسين عليه السلام: انظر أن تقوم على يميني فما تسمع أقول فقل مثله، فلما أن كبر عليه وليه قال الحسين: الله أكبر، اللهم العن فلاناً عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم اجز عبدك في عبادك وبلادك، واصله حر نارك، وأذقه أشد عذابك، فإنه كان يتولى أعدائك، ويعادي أوليائك، ويبغض أهل بيت نبيك" ["الكافي في الفروع" كتاب الجنائز باب الصلاة على الناصب ص189 ج3 ط إيران ص99 ج1 ط الهند]. وثم نسبوا مثل هذا الكذب إلى رسول الله وافتروا عليه حيث قالوا: عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما مات عبد الله بن أبي بن سلول حضر النبي جنازته، فقال عمر لرسول الله : ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فسكت فقال يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له: ويلك ما يدريك ما قلت لك؟ إني قلت اللهم احش جوفه ناراً واملأ قبره ناراً وأصله ناراً، قال أبو عبد الله عليه السلام فابدأ من رسول الله ما كان يكره" [الكافي في الفروع كتاب الجنائز ص188 ج3 ط إيران وص99 ج1 ط الهند] فهذه عقيدة الشيعة في التقية أن رسول الله كان يخدع الناس (عياذاً بالله) حيث كان يظهر أنه يستغفر للمنافق الذي منعه الله عن الاستغفار له وهكذا كان يظهر مخالفة أوامر الله ونواهيه حيث كان يعمل هو نفسه غير ما يعمله أصحابه حسب ما يرونه نم رسول الله عليه السلام، لأنهم ما كانوا يعلمون أن رسول الله يدعو له أو يدعو عليه، فالرسول كان يلعن على شخص حيث كان رفقاءه يترحمون له في نفس الوقت؟ فكان سره يخالف علانيته، وظاهره يخالف باطنه حيث عمر ما كان يريد ذلك حسب روايتهم – عياذاً بالله مئات المرات – ولك أن تسأل أي شيء كان يخوف رسول الله حتى أقهر على الصلوات على عبد الله بن أبي مع أن الإسلام كان قوياً آنذاك وما نافق ابن أبي إلا خوفاً عن الإسلام وشوكته، وطمعاً في منافعه وفوائده، فما صوغ الشيعة هذه الفرية إلا لإثبات عقيدتهم النجسة بأن رسول الله كان يعمل بالتقية أي الكذب كما كان أئمتهم يعملون بها – فهذه هي التقية عند الشيعة التي يدعون أنها ليس إلا كتمان الأمر صيانة للنفس ووقاية للشر، فهل يشك أحد في هذه بأنها عين النفاق والكذب. وهناك رواية أخرى تصرح بأنها نفاق محض فيروي الكليني في كتاب الروضة من الكافي "عن محمد بن مسلم قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبو حنيفة فقلت له جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي يا بن مسلم! هاتها إن العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة، فقلت: رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكثرت جوزاً كثيراً ونثرته علي فتعجبت من هذه الرؤيا، فقال أبو حنيفة: أنت رجل تخاصم وتحاول لئاماً في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أصبت والله يا أبا حنيفة! قال: ثم خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت له: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا بن مسلم! لا يسوءك الله فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك: فقولك: أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال: نعم حلفت عليه أنه أصاب الخطأ" [كتاب الروضة من الكافي ص 292 ج8 ط إيران]. ومعروف أن أبا حنيفة رحمه الله ما كان ذا سلطة وشوكة حتى يهاب ويخاف منه، بل كان مبغوضاً عند أصحاب الحكم والجاه وناقماً عليهم. ثم هو لم يطلب عن أبي عبد الله جعفر أن يمدحه ولا أن يوجه السائل عن الرؤيا إليه بل أبو عبد الله نفسه مدحه ووجه محمد بن مسلم أن يسأل عنه تعبير الرؤيا، ولما أجابه، صوبه، وحلف عليه، ولكن بعد توليه خطأه وتبرأه عنه، فماذا يقال لهذا، أله اسم غير النفاق. وورد مثل هذا في آية من كتاب الله عز وجل كما يرويه الكليني في الكافي: عن موسى بن اشيم قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كان قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه، وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله فبينا أنا كذلك إذ دخل آخر فسأله عن تلك الآية، فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي [فماذا يقول لطف الله الصافي القائل في كتابه "إلا يصير أضحوكة الناس من يقول أن الشيعة حيث يقولون بالتقية لا يقبل منهم إقرار واعتراف في عقائدهم وأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون" (مع الخطيب في خطوطه العريضة ص36). فمن يصير أضحوكة الناس أيها الصافي! الشيعة أو الذين ينتقدون الشيعة؟ أما كان الحق مع الخطيب حيث قال: وأول موانع التجاوب الصادق بإخلاص بيننا وبينهم ما يسمونه التقية الخ. أما كان الخطيب صادقاً في هذا؟ وأمّا ماذا يقول الشيعة في هذه الرواية المروية عن إمامم المعصوم أبي عبد الله الجعفر والموجودة في صحيحهم الكافي حيث يجيب الإمام في آية واحدة بأجوبة مختلفة بالتقية كما ينصون.] فسكنت وعلمت أن ذلك منه تقية" [الكافي في الأصول ص163 ج1 ط الهند]. وليت شعري ماذا يقول فيه المنصفون من الناس؟ ومن أي نوع هذه التقية؟ وأي شر دفع بهذه التناقضات والتضادات؟ ومن أي مصيبة نجا بها؟ وهل يعتمد على من يعتقد بهذا الاعتقاد في المسائل الدينية أو الدنيوية؟ وهل يؤمن مثل هذا على شيء من الكتاب والسنة؟. ومن يدري أنه متى يعمل بالتقية ومتى لا يعمل؟ أليس هذا إفساداً للدين وهدم لأساس الإسلام، ولعب بآيات من كتاب الله عز وجل. وأكثر من ذلك كان الأئمة حسب زعم الشيعة يحلون الحرام ويحرمون الحلال تقية فهذا هو إبان بن تغلب أحد رواة الكافي يروي قائلاً: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أبي (محمد الباقر) عليه السلام يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل البازي والصقر فهو حلال وكان يتقيهم وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل" [الفروع من الكافي باب صيد البزاة والصقور وغير ذلك ص208 ج6 ط إيران وص80 ج2 ط الهند]. فماذا يمكن أن يقال فيه: حرام يفتى فيه بالحلال؟ أهذا دين وشريعة يا عباد الله؟ وهل يجوز لعامي أن يفتي بحلة ما يعده حراماً في معتقداته، فأين الإمامة والعصمة على حد قولهم؟. فهذا هو قول الله عز وجل: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده من الطيبات والرزق} ["سورة الأعراف" الآية32]. وقال سبحانه في ذم اليهود والنصارى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} ["سورة التوبة" الآية31]. وفسره رسول الله الصادق الأمين بقوله: "كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه" [رواه الترمذي وأحمد والبيهقي في سننه]. وقد بين سبحانه أن التحليل والتحريم ليس إلا من خاصته وحتى النبي الكريم ليس له الأمر في ذلك حيث قال: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} [سورة التحريم الآية1]. فكيف للباقر أن يجعل الحرام حلالاً والحلال حراماً وهم لم يعطوا للباقر وحده أن يحلل حراماً ويحرم حلالاً بل كل الأئمة حسب زعمهم يملكون تحليل ما حرمه الله وتحريم ما أحله الله. فهذا هو محدثهم الكبير أبو عمرو محمد الكشي يذكر في كتابه عن حمدويه قال حدثنا محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين الثقفي قال حدثني أبو حمزة معقل العجلي عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (جعفر): والله لو فلقت رمانة بنصفين فقلت: هذا حلال وهذا حرام، نشدت إن الذي قلت حلال حلال، وأن الذي قلت حرام فحرام (فهل أنكر على ذلك أبو عبد الله ورد عليه؟ كلا بل) فقال: رحمك الله، رحمك الله" [رجال الكشي ص215 ط كربلاء العراق]. فهذا هو معتقدهم الذي يمدحون عليه، ولأجل ذلك قال الجعفر: ما أحد أدّى إلينا ما افترض الله فينا إلا عبد الله بن يعفور" [رجال الكشي رواية أبي محمد الشامي ص215]. وهكذا كانوا يأمرون الناس أن يجعلوهم آلهة يعبدون، فيحللون ويحرمون، وقد صرح بذلك الإمام التاسع لهم – محمد بن علي بن موسى حينما سئل عن اختلاف الشيعة فقال: أن الأئمة هم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون – فهل يستبعد من يعتقد مثل هذا أنه لا يكذب في الأمور الأخرى، فمن لا يؤمن عليه في الحلال والحرام كيف يؤمن عليه في المباحات؟. ثم من كان يجبر الباقر أن يفتي بمثل ما أفتى؟ أما ما يظهر من كلام الجعفر ليس إلا أن فتوى أبيه كان لإرضاء السلاطين الأمويين، لأنه يقول: كان يفتي في زمن بني أمية: فإن كان هذا فماذا يقول فيه الشيعة بعد ما ثبت عندهم أيضاً: أن جابراً يقول وقد روى عنه الباقر نفسه وعن الباقر الجعفر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أرضى سلطاناً بسخط الله خرج من دين الله" ["الكافي في الأصول" باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ص373 ج3 ط إيران].- ألا يعد الشيعة إحلال الحرام من سخط الله؟ ثم ماذا يقول علي بن أبي طالب في خطاباته حسب زعمهم: "الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك" [نهج البلاغة ص129 ج2 ط بيروت]. وهل يشك أحد بأن التقية ليس الكذب بل الكذب المحض؟. أمثلة لذلك وهناك أمثلة كثيرة لهذا فمنها: عن سلمة بن محرز قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أن رجلاً أرمانياً مات وأوصى إلي، فقال لي: وما الأرماني؟ قلت: نبطي من أنباط الجبال مات وأوصى إلي بتركته وترك ابنته، قال: فقال لي: أعطها النصف. قال فأخبرت زرارة بذلك، فقال لي: اتقاك، إنما المال لها، قال: فدخلت عليه بعد، فقلت: أصلحك الله إن أصحابنا زعموا أنك اقتيتني، فقال: لا والله ما اتقيتك ولكني اتقيت عليك أن تضمن فهل علم بذلك أحد؟ قلت: لا – قال: فأعطها ما بقي" ["الفروع في الكافي" باب ميراث الولد ص86، 87 ج7 ط إيران وص48 ج3 ط الهند]. فانظر أنه أعطى لسلمة بن محرز نصف المال ثم حرمه من النصف الثاني، فلا بد من اثنين، إما كان له الحق أن يأخذ النصف وإما ما كان له الحق، فإن لم يكن له الحق فكيف أعطاه أولاً، وإن كان له الحق فلم تراجع ثانياً، ثم وأي شيء كان يخاف منه الإمام حيث لم يكن صاحبه ورفيقه ومقلده زرارة بن أعين يبالي به. وهل يجوز هذا لأحد أن يفتي في دين الله بخلاف ما قاله الله وقاله رسول الله عليه السلام "تقية" أو كذباً على التعبير الصحيح؟. ومسائل الفرائض لا تتعلق بالاجتهادات بل تثبت بالنصوص، فمن يغير النصوص ويحرفها، ويفتي بخلافها، هل يعتمد عليه في المسائل الأخرى؟ وهناك رواية أخرى تشبه الأولى ما رواها الكليني أيضاً في الفروع "عن عبد الله بن محرز قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أوصى إلي وهلك وترك ابنته فقال أعط الابنة النصف، واترك للموالي النصف، فرجعت فقال أصحابنا: لا والله ما للموالي شيء، فرجعت إليه من قابل فقلت: إن أصحابنا قالوا: ليس للموالي شيء وإنما اتقاك، فقال: لا والله ما اتقيتك ولكني خفت عليك أن تؤخذ بالنصف، فإن كنت لا تخاف فارفع النصف الآخر إلى الابنة، فإن الله سيؤدي عنك" ["الفروع في الكافي" ص87، 88 ج7 ط إيران وص48 ج3 ط الهند]. ويظهر من هاتين الروايتين أن الشيعة لا يجوزون الكذب اتقاء للنفس وحفظاً للذات بل كانوا متعودين الكذب بدون أي شيء، وأن السائل عن عبد الله بن محرز وسلمة لم يكن من الأمويين ولا العباسيين بل كانا من خلص الشيعة وأصحاب "الإمام المعصوم" عندهم – وأيضاً صرح الجعفر بأنه لم يفتي بالباطل تقية بل أفتى به مصلحة وكذباً. وقد صرح أئمة الشيعة حسبما يزعمون أن التقية ليس إلا كذباً محضاً فقد روى أبو بصير عن أبي عبد الله (جعفر) أنه قال: التقية من دين الله قلت من دين الله؟ قال أي والله من دين الله ولقد قال يوسف: أيها العير إنكم لسارقون ووالله ما كانوا سرقوا شيئاً" ["الكافي في الأصول" ص217 ج2 ط إيران]. وأصرح من ذلك ما رواه محدثهم الكشي: عن حسين بن معاذ بن مسلم النحوي عن أبي عبد الله ع قال: قال لي (أبو عبد الله) : بلغني أنك تعقد في الجامع فتفتي الناس، قال: قلت نعم، وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج أني أقعد في الجامع فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف أخبرته بما يقولون . . . قال (أي معاذ بن مسلم) فقال لي (أبو عبد الله) : اصنع كذا فإني أصنع كذا" ["رجال الكشي" ص218، فكيف يدعي لطف الله الصافي "رأي الشيعة جواز التقية وقد عملوا بها في الأجيال التي تغلب على البلاد الإسلامية أمراء الجور وحكام جبابرة . . . . هل هناك جور وجبر حتى يلتجأ إلى التقية لا بل إلى الكذب الصريح والقول الباطل ثم وأي إجبار فيه لو لم يقل مثلما قال أولاً أو قال مثلما قال أخيراً. وثم مع أصحابه الخاصة ورفقائه وتلامذته، ثم من يكون هذا دأبه مع متبعيه ومقلديه فماذا يكون شأنه مع الأغيار؟.]. فهذا هو الإمام كما يقولون، يأمر الناس أن يكذبوا على الناس ويخدعوهم، ويحثهم على ذلك، فأين هذا من قول الله عز وجل: اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" ["سورة التوبة" الآية119]. وقال عز شأنه: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً} ["سورة الأحزاب" الآية70]. ولكن المسألة هنا منعكسة ومتناقضة فهؤلاء القوم لا يكذبون فحسب بل يأمرون بالكذب ويعدونه من أفضل القربات إلى الله، وأسسوا مذهبهم على ذلك، فكتبهم في الحدث والتفسير مليئة من هذه الأكاذيب والأباطيل. ولما اشتكى على ذلك أحد طعنوه على أن الخلاف والتناقض والكذب ما كان إلا للمصلحة والغرض. فمثلاً يذكر الكشي أن أبا الحسن موسى الكاظم كتب إلى أحد متبعيه وهو في السجن: ادع إلى صراط ربك فينا من رجوت إجابته، ولا تحصر حصرنا ووال آل محمد ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا "هذا باطل" وإن كنت تعرف خلافه ["رجال الكشي" ص368 تحت ترجمة علي بن سويد السائي ط كربلاء العراق] فإنك لا تدري لم قلناه وعلى أي وجه وصفناه" [أفما كان الخطيب المغفور له محقاً حيث قال التقية تمنع التجاوب بيننا وبين الشيعة حيث لا ترعف هل صدقوا في القول أم كذبوا أخلصوا أم أرادوا الغدر؟]. بل وحرضوهم على ذلك كما روي عن أبي عبد الله أنه قال ما منكم من أحد فيصلي صلاة فريضة في وقتها ثم يصلي معهم صلاة تحية إلا كتب الله بها خمس وعشرين درجة فارغبوا في ذلك" [من لا يحضره الفقيه باب الجماعة ص1]. فهل من المعقول أن يسمع الرجل كلاماً يخالف نص القرآن والسنة ثم يقول عنه ويحكم عليه أنه ليس بباطل لأن الكلام مروي عن واحد من هؤلاء الأئمة لأن كونه عن الإمام فقط لا يجعله صالحاً للقبول غير أن يكون موافقاً للكتاب والسنة حيث أن الأصل في الشريعة ليس إلا كتاب الله وسنة رسول الله، المخلو من التناقض والتخالف. وهل من الممكن أيضاً أن يسمع ويرى أحد من العقلاء كلاماً متناقضاً مخالفاً بعضه بعضاً ثم يقول: أن الكل حق وصواب: مع أنه من المعلوم أن الحق لا يتعدد، ومن علامات الكذب أن يختلف أقوال الرجل ويتضارب آراؤه. وأما الشيعة فلا يوجد عندهم قول في مسألة إلا ويخالفه قول آخر حتى لا يوجد راو من رواتهم الحديث إلا وفيه قولان، قول يوثقه، وقول يضعفه، ولا يضعفه فحسب بل يحطه في أسفل السافلين ويجعله ألعن الملعونين. رواة الشيعة وخير مثال لذلك محدثهم الكبير وراويهم الشهير زرارة بن أعين صاحب "الأئمة الثلاثة" موسى، وجعفر، والباقر، وفيذكره المترجمون الشيعة، يمدحونه في صفحة ويذمونه في صفحة أخرى، يجعلونه من أهل الجنة مرة وأهل النار مرة أخرى، ويعدونه من أخلص المخلصين تارة، ومن ألد الناس تارة. فمثلاً يذكر الكشي تحت ترجمة زرارة بسنده "قال أبو عبد الله (الجعفر) "ع": يا زرارة! إن اسمك في أسامي أهل الجنة" . . . [رجال الكشي ص122 ط كربلاء العراق]. وقال أبو عبد الله: أحب الناس إلي أحياء وأمواتاً أربعة بريد بن معاوية، وزرارة، ومحمد بن مسلم، والأحول، وهم أحب الناس إلي أحياء أو أمواتاً" [رجال الكشي ص123]. وقال أبو عبد الله أيضاً: رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي" [رجال الكشي ص124]. وقال ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة، وأبو بصير، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة" [رجال الكشي ص125]. ثم هذا هو زرارة بن أعين الذي قال فيه الجعفر هذا نفسه عن ابن أبي حمزة عن أبي عبد الله "ع" قال: قلت: والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم". قال: أعاذنا الله وإياك من ذلك الظلم، قلت ما هو قال: هو والله ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب، قال قلت: (يعني ابن أبي حمزة) الزنا معه قال: الزنا، ذنب" [رجال الكشي ص131، 132 تحت ترجمة زرارة]. وأكثر من ذلك "عن زياد بن أبي الحلال قال: قال أبو عبد الله "ع" : لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة" [رجال الكشي ص133 ترجمة زرارة]. وعن ليث المرادي قال: سمعت أبا عبد الله "ع" يقول: "لا يموت زرارة إلا تائها" [رجال الكشي ص134]. وعن علي القصير قال: استأذن زرارة بن أعين وأبو الجارود على أبي عبد الله "ع" قال: يا غلام أدخلهما فإنهما عجلا المحيا وعجلا الممات" [رجال الكشي ص135]. ويقول في نفس الرجل الذي قال فيه : لولا زرارة لاندرست أحاديث أبي، وقال: يا زرارة إن اسمك في أسامي أهل الجنة: يقول هذا إمامه وأما خلفه فيقول: إن ذا من مسائل آل أعين، ليس من ديني ولا دين آبائي" [رجال الكشي ص137]. ثم نفس الزرارة هذا، قال فيه ابن جعفر أبو الحسن موسى الإمام السابع لهم: والله كان زرارة مهاجراً إلى الله تعالى" [رجال الكشي ص139 تحت ترجمة زرارة بن أعين]. وأيضاً عن ابن أبي منصور الواسطي قال سمعت أبا الحسن "ع" يقول" إن زرارة شك في إمامتي فاستوهبته من الله تعالى" [رجال الكشي ص138]. وجدّ أبي الحسن أبو جعفر الباقر يقول عن زرارة حينما سأله عن جوائز العمّال فقال (أبو جعفر) : لا بأس به، ثم قال: إنما أراد زرارة أن يبلغ هشاماً (الخليفة) أني أحرم السلطان" [رجال الكشي ص140 ترجمة زرارة]. يعني أن زرارة خائن ومن جواسيس الخلفاء الأمويين ولكن ابنه جعفر أبو عبد الله يمدحه بعد وفات أبيه ثم يذمه، ثم ابنه أي ابن أبي جعفر أبا الحسن موسى يمدحه مع أن أباه أبا عبدالله قال فيه، حينما سأل أحد شيعته: متى عهدك بزبارة؟ قلت: ما رأيته منذ أيام قال: لا تبالي، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشهد جنازته، قال: (الراوي) قلت: زرارة؟ متعجباً مما قال (أبو عبد الله) قال: (أبو عبد الله) : نعم زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال إن الله ثالث ثلاثة" [فانظر رجال الكشي ص142 ترجمة زرارة، ولا أدري كيف يجترئ المحشي لكتاب "رجال الكشي" السيد أحمد الحسيني أن يقول: الروايات التي يوردها مؤلف هذا الكتاب في شأن زرارة تنقسم إلى قسمين، فبعض منها في المدح والثناء له والإشادة بمكانته السامية ومنزلته العظيمة عند الإمام الصادق عليه السلام وأبيه وتقدمه على أصحابه في العلم والمعرفة وحفظ أحاديث أهل البيت عن الضياع والتلف، وبعض منها يدل على عكس ذلك. وأنه كان الرجل كذاباً وضاعاً مرائياً وداساً في الأحاديث . . . . . كيف يجترئ أن يقول: أن الذم والتكذيب والتكفير إنما صدرت للدفاع والمحافظة والتقية . . . . . وأن هذه الأخبار صدرت تقية" (حاشية رجال الكشي ص143 و144). وهل هذا تقية أو كذب وخداع؟ يقال للرجل أمامه شيء وخلفه شيء آخر؟ وثم أي شيء كان يخوف الأئمة من زرارة. هل كان ملكاً من ملوك بني أمية أم بني العباس، فما كان إلا شيعة أبي جعفر، وأبي عبد الله، وأبي الحسن، فأي شيء أجبرهم على تكفير ذلك الرجل، ثم بعد ذلك هو الآن مدار وقطب لأحاديث الشيعة!]. فهذا شأن قطب من أقطاب الشيعة الذي أدرك ثلاثة من الأئمة، يتضارب فيه الأقوال الثلاثة من "المعصومين" الذين لا ينطقون إلا بالوحي والإلهام" وقد صدق الله عز وجل حيث قال: ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوحى إليه شيء" [سورة الأنعام الآية94]. وقال: لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" [سورة النساء الآية52]. وقال: يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون" [سورة البقرة الآية9]. وقال: جل مجده: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون" [سورة البقرة الآية14]. ومثل هذا كثير، بل هذا دأبهم مع الجميع، مثل محمد بن مسلم، وأبي بصير، وحمران بن أعين وغيرهم كبار الشيعة وأئمة رواتهم يبشرون بالجنة ويعدونهم من أخلص المخلصين، ويذمونهم مرة ويكفرونهم وينذرونهم بالنار. لم قالوا بالتقية ولقد بين الشيعة الأسباب التي لأجلها اختاروا التقية ويختارونها ولكن اختلفوا فيها كما اختلفوا في الأمور كلها. فقد قال طائفة: التقية أمر واجب حفظاً للنفس والعرض والمال" [كتب الشيعة]. وقال شيخ الطائفة الطوسي في تفسيره: التبيان: التقية واجبة عن الخوف على النفس، وقد روى رخصة في جواز الإفصاح بالحق . . . . . ثم قال: ويظهر من قصة مسيلمة أن التقية رخصةوالإفصاح بالحق فضيلة" ["التبيان" للطوسي تحت آية لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء]. وقال الشيخ الصدوق: والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة، وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} قال: أعملكم بالتقية" ["الاعتقادات للصدوق"]. ونقلوا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: التقية من أفضل أعمال المؤمن يصون بها نفسه وإخوانه من الفاجرين" [تفسير العسكري ص163]. وقال طائفة: أنها واجبة سواء كان صيانة للنفس أو لغيرها، فيروي الكليني عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به" [الكافي في الأصول باب التقية]. وقد روى الصدوق عن جابر: قال قلت يا رسول الله إن الناس يقولون أن أبا طالب مات كافراً، قال: يا جابر ربك أعلم بالغيب أنه لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش فرأيت أربعة أنوار فقيل لي: هذا عبد المطلب، وهذا عمك أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا ابن عمك جعفر بن أبي طالب، فقلت: إلهي لم نالوا هذه الدرجة، قال بكتمانهم الإيمان ولإظهارهم الكفر حتى ماتوا على ذلك" ["جامع الأخبار" نقلاً عن "تنقيح المسائل" ص140]. وقال طائفة أنها جائزة دفاعاً عن النفس، فقال الطبرسي مفسر الشيعة: وفي هذه الآية دلالة على أن التقية جائزة في الدين عن الخوف على النفس" [مجمع البيان تفسير قوله إلا أن تتقوا منهم ثقة]. ويقول الطوسي بعد ذكر رواية الحسن في قصة مسيلمة: فعلى هذا التقية رخصة والإفصاح بالحق فضيلة" ["التبيان" للطوسي]. ويقول لطف الله الصافي في كتابه "مع الخطيب: نعم رأى الشيعة جواز التقية وقد عملوا بها في الأجيال التي تغلب على البلاد الإسلامية أمراء الجور وحكام جبابرة مثل معاوية ويزيد والوليد والمنصور. . . ." [مع الخطيب في خطوطه العريضة ص39]. وقال السيد على إمام العالم الشيعي الهندي: أن الإمامية يرون جواز التقية حفظاً على النفس والمال" [مصباح الظلم ص71 ط الهند الأردية]. ويروي الكليني عن زرارة عن أبي جعفر قال: ثلاثة لا أتقي فيهن أحداً [ولكن ولده كان يتقي أيضاً في الخمر] شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج" ["الكافي في الفروع باب مسح الخف و"الاستبصار" ص39 ج1 ط لكنهؤ الهند]. وذكر ابن بابويه القمي مثل هذه الرواية في كتابه: قال الإمام عليه السلام: ثلاثة لا أتقي فيها أحداً شرب المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج" ["من لا يحضره الفقيه" ص16 ج1 ط الهند]. والحق أن الشيعة يرون التقية واجبة في جميع الأمور سواء كان للحفظ على النفس أو غير ذلك. بل الصحيح أنهم تعودوا الكذب فسوغوه وسموه بغير اسمه ثم وضعوا الأحاديث في فضله. واحتاجوا أيضاً إلى التقية والتجأوا إليها حينما عرفوا من أئمتهم أقوالاً متضاربة وآراء متناقضة. فلما اعترض عليهم أن أئمتهم الذين يزعمون أنهم معصومون عن الخطأ والنسيان كيف اختلفوا في شيء واحد، فجوزوه مرة وحرموه تارة أخرى، وقالوا بشيء في وقت ثم قالوا بنقيض ذلك في وقت آخر؟ لم يجدوا الجواب إلا أن قالوا: أنهم قالوا أي الأئمة هذا أو ذاك تقية، وقد اعترف بهذا المنصفون من الشيعة. أمثلة لذلك فيذكر أبو محمد الحسن النوبختي من أعلام الشيعة في القرن الثالث عن عمر بن رباح أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن مسألة، فأجابه فيها بجواب، ثم عاد إليه في عام آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه فيها بخلاف الجواب الأول، فقال لأبي جعفر: هذا خلاف ما أجبتني في هذا المسألة العام الماضي، فقال له: إن جوابنا ربما خرج على وجه التقية، فشكك في أمره وإمامته، فلقي رجلاً من أصحاب أبي جعفر يقال له محمد بن قيس، فقال له: إني سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني فيها بجواب، ثم سألته عنها في عام آخر، فأجابني فيها بخلاف جوابه الأول، فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: فعلته للتقية وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به، وقبوله في العمل به، فلا وجه لاتقائه إياي وهذه حالي، فقال له محمد بن قيس: فلعله حضرك من اتقاه، فقال ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري ولكن جوابيه جميعاً خرجا على وجه التخبت، ولم يحفظ ما أجابه في العام الماضي فيجيب بمثله، فرجع (عمر بن رباح) عن إمامته وقال: لا يكون إماماً من يفتي بالباطل على شيء بوجه من الوجوه ولا في حال من الأحوال، ولا يكون إماماً من يفتي تقية بغير ما يجب عند الله ولا من يرخي ستره، ويغلق بابه، ولا يسع الإمام إلا الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ["فرق الشيعة" للنوبختي ص80، 81، 82 ط المطبعة الحيدرية بالنجف العراق سنة 1379ه‍]. وروى الكليني عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (الباقر) قال: سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل، فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي فلما خرج رجلان قلت: يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت صاحبه، فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا ولكم – قال: فقلت لأبي: شيعتكم لوحملتموهم على الأسنة أو النار لمضوا وهم يخرجون من عندك مختلفين" ["الكافي في الأصول" ص37 ط الهند]. وروى الكشي مثل هذا عن ابنه جعفر الإمام السادس، فيقول: حدثني أبو عبد الله . . . . . عن محمد بن عمر، قال: دخلت على أبي عبد الله "ع" فقال: كيف تركت زرارة؟ فقلت تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس، فقال: فأنت رسولي إليه، فقل له فليصل في مواقيت أصحابي فإني قد حرقت، قال: فأبلغته (يعني زرارة) ذلك، فقال: أنا والله أعلم أنك لم تكذب عليه ولكنه أمرني بشيء فأكره أن أدعه" ["رجال الكشي" ص128]. ولأجل ذلك قال زرارة مرة حينما رأى من جعفر بن محمد الباقر التناقض والتضاد في مسألة واحدة ألا وهي تفسير الاستطاعة، فقال: أما إنه (أي أبي عبد الله الجعفر) قد أعطاني الاستطاعة من حيث لا يعلم، وصاحبكم هذا ليس له بصر بكلام الرجال" ["رجال الكشي" ص133]. وبمثل هذا روي عن ابن جعفر، الإمام السابع عندهم موسى أبي الحسن فيروي الكشي بسنده عن شعيب بن يعقوب قال: سألت أبا الحسن "ع" عن رجل تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم؟ قال: ترجم المرأة وليس على الرجل شيء إذا لم يعلم، فذكرت ذلك لأبي بصير المرادي، قال (يعني أبا بصير) : قال لي: والله جعفر ترجم المرأة ويجلد الحد، قال: فضرب بيده على صدره يحكها: أظن صاحبنا ما تكامل علمه" ["رجال الكشي" ص154]. وهذا أبو بصير الذي قال فيه جعفر بن باقر: بشر المخبتين بالجنة، بريد بن معاوية، وأبا بصير، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست" ["رجال الكشي" ترجمة أبي بصير المرادي ص152]. ولقد اشتكى الشيعة أنفسهم قبل ذلك بكثير على مثل هذا التناقض والتضاد من الحسن والحسين رضي الله عنهما. فيذكر النوبختي ويقول: فلما قتل الحسين جاءت فرقة من أصحابه وقالت: قد اختلف علينا فعل الحسن وفعل الحسين لأنه إن كان الذي فعله الحسن حقاً واجباً صواباً من موادعته معاوية وتسليمه له عن عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن وقوتهم فما فعله لاحسين من محاربته يزيد بن معاوية مع قلة أنصار الحسين وضعفهم وكثرة أصحاب يزيد حتى قتل وقتل أصحابه جميعاً باطل غير واجب، لأن الحسين كان أعذر في القعود عن محاربة يزيد وطلب الصلح والموادعة من الحسن في القعود عن محاربة معاوية، وإن كان ما فعله الحسين حقاً واجباً صواباً من مجاهدته يزيد بن معاوية حتى قتل وقتل ولده وأصحابه، فقعود الحسن وتركه مجاهدة معاوية وقتاله ومعه العدد الكثير باطل، فشكوا لذلك في إمامتهما ورجعوا فدخلوا في مقالة العوام" [" فرق الشيعة للنوبختي ص46، 47 ط النجف]. [الشيعة يسمون أنفسهم الخواص وأهل السنة ومن خالف بدعهم وزيغهم العوام مثل ما يسمي اليهود أنفسهم أبناء الله وأحباؤه وغيرهم الأميين، فيلاحظ التقارب حتى وفي المصطلحات]. وذكر عالم شيعي هندي ناقلاً عن أئمته في كتابه "أساس الأصول": الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جداً، لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده حتى صار ذلك سبباً لرجوع بعض الناقصين عن اعتقاد الحق كما صرح به شيخ الطائفة (الطوسي) في أوائل "التهذيب" و"الاستبصار" ["أساس الأصول" ص15 ط الهند]. وسبب آخر للتقية هو أن أئمة الشيعة كانوا يعللون شيعتهم بالأماني الكاذبة لتثبيتهم على التشيع، فيروي الكليني عن علي بن يقطين، قال لي: أبو الحسن عليه السلام، الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة، قال يقطين لابنه: فكان وقيل لكم فلم يكن فقال له على أن الذي قيل لكمن كان من مخرج واحد غير أن أمركم جعفر فكان كما قيل، وإن أمرنا لم يحضر تعللنا بالأماني فلو قيل لنا أن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلثمائة لعنت القلوب ولرجع عامة الناس عن الإسلام ولكن قالوا ما أشرعوا وما أقربه تأليفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج" ["الكافي في الأصول" ص233 باب كراهية التوقيت]. وأصرح من ذلك كله ما ذكره النوبختي أيضاً في كتابه ناقلاً عن سليمان بن جرير: أنه قال لأصحابه: أن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبداً وهما، القول "بالبداء" وإجازة التقية، فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون والأخبار بما يكون في غد وقالوا: لشيعتهم أنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا يكون ونحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء،وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت به الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا أنه يكون على ما قالوا قالوا: لشيعتهم بدا الله في ذلك، وأما التقية فإنه لما كثرت على أئمتهم مسائل شيعتهم في الحلال والحرام وغير ذلك من صنوف أبواب الدين فأجابوا فيها وحفظ عنهم شيعتهم جواب ما سألوهم وكتبوه ودونوه ولم يحفظ أئمتهم تلك الأجوبة بتقادم العهد وتفاوت الأوقات. لأن مسائلهم لم ترو في يوم واحد ولا في شهر واحد بل في سنين متباعدة وأشهر متباينة وأوقات متفرقة، فوقع في أيديهم في المسألة الواحدة مرة أجوبة مختلفة متضادة وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة، فلما وقفوا على ذلك منهم ردوا إليهم هذا الاختلاف والتخليط في جواباتهم وسألوهم عنه وأنكروه عليهم، فقالوا من أين هذا الاختلاف؟ وكيف جاز ذلك قالت لهم أئمتهم: إنما أجبنا بهذا للتقية ولنا أن نجيب بما أجبنا وكيف شئنا لأن ذلك إلينا ونحن نعلم بما يصلحكم وما فيه بقاءكم وكف عدوكم عنا وعنكم، فمتى يظهر من هؤلاء على كذب ومتى يعرف لهم حق من باطل؟ فمال إلى هذا لهذا لقول جماعة من أصحاب أبي جعفر وتركوا القول بإمامة جعفر عليه السلام" ["فرق الشيعة" للنوبختي ص85، 86، 87 ط النجف]. وهناك ضرورة أخرى للقول بالتقية وهو أنه صدر من أئمتهم مدحاً لأصحاب رسول الله والاعتراف بفضلهم وسبقهم إلى الخيرات حسب شهادة القرآن، والإقرار بخلافتهم وإمامتهم. وإعلان البيعة لهم عن علي وأهل بيت النبي، وتزويجهم إياهم بناتهم، وإقامة العلاقات الطيبة الوثيقة معهم، وتبرئتهم عن الشيعة وذمهم، وبيان فسادهم، فتحيروا وحاروا في هذا إذ لا يقوم مذهبهم إلا بالتبرئة عن أصحاب محمد والعداء الشديد لهم ولمن والاهم، وبادعاء ولائهم لأهل البيت، وإظهارهم الإخلاص لهم، فلما رأوا هذا المأزق لم يجدوا المخلص منه إلا القول: إن الأئمة ما قالوا هذا إلا تقية وكانوا مع ذلك يبطنون خلاف ما يظهرون ويقولون. مدح الصحابة 1ـ فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين الراشد الرابع، والإمام الأول عندهم. يمدح أصحاب رسول الله بقوله: لقد رأيت أصحاب محمد فما أرى أحداً يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً، يراوحون بين جباهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كان بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى ابتل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء للثواب" ["نهج البلاغة" ص143 خطبة علي رضي الله عنه ط دار الكتاب بيروت 1387ه‍]. وقال رضي الله تعالى عنه في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنها: وكان أفضلهم في الإسلام كما زعمت وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصديق، والخليفة الخليفة الفاروق، ولعمري أن مكانهم في الإسلام لعظيم وأن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد. رحمهما الله وجزاهما بأحسن ما عملا" ["شرح نهج البلاغة" للميسم ص31 ج1 ط طهران]. وروى أيضاً عن إمامهم السادس أبي عبد الله أنه كان يأمر بولاية أبي بكر وعمر، فيروي الكليني عن أبي بصير: قال كنت جالساً عند أبي عبد الله، إذ دخلت علينا أم خالد تستأذن عليه (أي أبي عبد الله) فقال: أبو عبد الله: أيسرك أن تسمع كلامها، قال: قلت: نعم، فأذن لها، قال: فأجلسني معه على الطنفسة، قال: ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة، فسألته عنهما، (أبي بكر وعمر) فقال لها: توليهما قالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما، قال: نعم" [كتاب الروضة للكليني ص29 ط الهند]. وقد ورد المدح للصديق الأكبر عن أبيه محمد الباقر أيضاً كما رواه علي بن عيسى الأردبيلي الشيعي المشهور في كتابه: كشف الغمة في معرفة الأئمة: أنه سئل الإمام أبو جعفر عن حليته السيف هل تجوز؟ فقال نعم قد حلى أبو بكر الصديق سيفه بالفضة، فقال (السائل) : أتقول هذا؟ فوثب الإمام عن مكانه، فقال: نعم، الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق، فلا صدق الله قوله في الدنيا والآخرة" ["كشف الغمة في معرفة الأئمة" للأردبيلي نقلاً عن التحفة الاثنى عشرية للشيخ شاء عبد العزيز الدهلوي ط2 مصر 1378ه‍]. ومن المعلوم أن مرتبة الصديق بعد النبوة ويشهد لها القرآن والآيات الكثيرة، منها قوله تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً} [سورة النساء الآية69]. الاعتراف بخلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة 2ـ واعترف علي رضي الله تعالى عنه وأولاده بخلافة هؤلاء، أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين وأقروها لهم، وكان علي وزيراً ومسيراً لهم، كما ثبت عنه وعن أولاده مدح لهؤلاء الأعاظم، فقد قال رضي الله عنه: لله بلاد فلان (أبي بكر) [وقد اتفق شراح نهج البلاغة أن المراد من فلان، أبو بكر وقال بعضهم: عمر، فلم يخرجوا عن الاثنين وهو المطلوب]. فلقد قوم الأود، وداوى العمد، وأقام السنة، وخلف الفتنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرحاً، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه" ["نهج البلاغة" ص350]. وقال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين شاوره في الخروج إلى غزو الروم: إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة [كانفة، عاصمة يلجئون إليه] دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محرباً واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهر الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى كنت رداً للناس ومثابة للمسلمين" ["نهج البلاغة" ص193 ط بيروت]. وأصرح من ذلك ما قال فيه وقد استشاره في الشخوص لقتال الفرس بنفسه فقال: إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده، وأمده، حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكان القيم بالأمر [القيم بالأمر، القائم به، يريد به الخليفة] من الخرز يجمعه ويضمه، فإن انقطع النظام تفرق الخرز وذهب ثم لم يجتمع لحذافيره أبداً. والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع، فكن قطباً، واستدر الرحا بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتفضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك – إن الأعاجم إن ينظروا إليك يقولون: هذا أصل العرب، فإذا قطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك . . . وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة" ["نهج البلاغة" ص203 و204 ط بيروت]. وقد قال لعثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه لما اجتمع الناس إليه وشكوا على عثمان، فدخل عليه وقال: إن الناس ورائي وقد استسفروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك، ما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى لعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى أبي رسول الله وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا" ["نهج البلاغة" ص234]. وقال مثنياً على خلافتهم الثلاثة: أنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى" ["نهج البلاغة" ص366، 367]. وقد صرح وأوضح بوضاحة لا غموض فيها مفسر الشيعة وكبيرهم علي بن إبراهيم القمي حيث ذكر قول الله عز وجل: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحفصة يوماً: أنا أفضي إليك سراً فقالت: نعم ما هو؟ فقال: أن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم من بعده أبوك (عمر) فقالت: من أخبرك بهذا قال: الله أخبرني" ["تفسير القمي" ص376 ج2 سورة التحريم ط مطبعة النجف 1387ه‍]. ونقل عن علي رضي الله عنه أنه قال لما أراد الناس على بيعية بعد قتل عثمان رضي الله عنه: دعوني والتمسوا غيري. . . . إلى أن قال: وإن تركتموني فإنا واحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيراً خير لكم من أمير" ["نهج البلاغة" ص136 ط بيروت]. تزويج أم كلثوم من عمر بن الخطاب 3ـ وتدل على العلاقات الوطيدة بين الخلفاء الثلاثة وبين علي رضي الله عنهم أن علياً زوج ابنته من فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها، عمر الفاروق أمير المؤمنين وخليفة الرسول الأمين عليه السلام، وقد اعترف بهذا الزواج محدثو الشيعة ومفسروها وأئمتهم "المعصومين" فيروي الكليني: عن معاوية بنعمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها أو حيث شاءت قال: بل حيث شاءت، إن علياً صلوات الله عليه لما توفى عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته" [الكافي في الفروع باب المتوفى عنها زوجها المدخول بها أين تعتد ص311 ج2 ط الهند]. وروى مثل هذه الرواية أبو جعفر الطوسي في كتابه: تهذيب الأحكام في باب عدة النساء، وأيضاً في كتابه الإبصار ص185 ج2. ويروي الطوسي أيضاً عن جعفر عن أبيه قال ماتت أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة، لا يدري أيهما هلك قبل ولم يورث أحدهما من الآخر وصلى عليهما جميعاً" ["تهذيب الأحكام للطوسي" ص380 ج2 كتاب الميراث ط طهران]. وبوب اللكيني باباً باسم "باب في تزويج أم كلثوم" وروى تحت ذلك حديثاً عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في تزويج أم كلثوم فقال: إن ذلك فرج غصبناه" [الكافي في الفروع ص141 ج2 ط الهند]. ويذكر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني: فولد من فاطمة عليه السلام الحسن والحسين والمحسن وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى تزوجها عمر" [مناقب آل أبي طالب ص162 ج3 ط بومبئ الهند]. ويقول الشهيد الثاني للشيعة زين الدين العاملي: وزوج النبي ابنته عثمان، وزوج ابنته زينب بابى العاص، وليسا من بني هاشم، وكذلك زوج علي ابنته أم كلثوم من عمر، وتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين، وتزوج مصعب بن الزبير اختها سكينة، وكلهم من غير بني هاشم" ["مسالك الأفهام" ج1 كتاب النكاح ط إيران 1282ه‍]. ذم الشيعة واللعن عليهم 4ـ وهذا كان دأب علي وأولاده الأئمة "المعصومين" – عندهم – مع أصحاب رسول الله وخلفائه حين كانوا يبغضون الشيعة المنتسبين إليهم، المدعين حبهم وأتباعهم، فيذمونهم على رؤوس الأشهاد، فهذا علي رضي الله تعالى عنه – الإمام المعصوم الأول – كما يزعمون – يذم شيعته ورفاقه، ويدعو عليهم فيقول. وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحق، وطاعتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم، فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته، اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني، اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء" ["نهج البلاغة" ص67 ط بيروت]. ويكيل عليهم اللعنات ويقول: يا أشباه الرجال ولا رجال! حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة – والله – جرت ندماً، وأعقبت سدماً. قاتلكم الله! لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان؛ حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب. لله أبوهم! وهل أحد منهم أشد لها مراساً، وأقدم فيها مقاماً مني! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وهاأنذا قد ذرفت على الستين! ولكن لا رأي لمن لا يطاع" ["نهج البلاغة" ص70، 71 ط بيروت]. وأيضاً: أيها الناس، المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء! تقولون في المجالس: كيف وكيت، فإذا جاء القتال قلتم: حيدى حياد! ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل، وسألتموني التطويل، دفاع ذي الدين المطول. لا يمنع الضيم الذليل! ولا يدرك الحق إلا بالجد! أي دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فقد فاز – والله – بالسهم الأخيب، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل، أصبحت والله لا أصدق قولكم، ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدو بكم. ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طبكم؟ القوم رجال أمثالكم. أقوالاً بغير علم! وغفلة من غير ورع! وطمعاً في غير حق"!؟ ["نهج البلاغة" ص72، 73]. ويمدح رضي الله عنه أنصار معاوية ويذم شيعته "أما والذي نفسي بيده، ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي. ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، شهود كغياب، وعبيد كأرباب! أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتفترقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبا. ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون عن مواعظكم، أقومكم غدوة، وترجعون إلي عشية، كظهر الحنية، عجز القوم، وأعضل المقوم. أيها القوم الشاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم. صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه. لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة وأعطاني رجلاً منهم! يا أهل الكوفة، منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء! تربت أيديكم! يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها! كلما جمعت من جانب تفرقت من آخر، والله لكأني بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغى وحمي الضراب قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها" ["نهج البلاغة" ص141، 142]. وأيضاً: والله لولا رجائي الشهادة عند لقائي العدو – ولو قد حم لي لقاؤه – لقربت ركابي ثم شخصت عنكم فلا أطلبكم ما اختلف جنوب وشمال؛ طعانين عيابين، حيادين رواغين. إنه لا غناء في كثرة عددكم مع قلة اجتماع قلوبكم" ["نهج البلاغة" ص176]. وقال: ما أنتم بوثيقة يعلق بها، ولا زوافر عز يعتصم إليها. لبئس حشاش نار الحرب أنتم! أف لكم! لقد لقيت منكم برحاً، يوماً أناديكم ويوماً أناجيكم، فلا أحرار صدق عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء" ["نهج البلاغة" ص183]! وقال واصفاً صفاتهم: أحمد الله على ما قضى من أمر، وقدر من فعل، وعلى ابتلائي بكم أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع، وإذا دعوت لم تجب. إن أمهلتم خضتم، وإن حوربتم خرتم. وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم، وإن أجئتم إلى مشاقة نكصتم. لا أبا لغيركم! ما تنظرون بنصركم والجهاد على حقكم؟ الموت أو الذل لكم؟ فوالله لئن جاء يومي – وليأتيني – ليفرقن بيني وبينكم وأنا لصحبتكم قال، وبكم غير كثير. لله أنتم! أما دين يجمعكم! ولا حمية تشحذكم! أو ليس عجباً أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير معونة ولا عطاء، وأنا أدعوكم – وأنتم تريكة الإسلام، وبقية الناس – إلى المعونة أو طائفة من العطاء، فتفترقون عني وتختلفون علي؟ إنه لا يخرج إليكم من أمري رضى فترضونه، ولا سخط فتجتمعون عليه؛ وإن أحب ما أنا لاق إلى الموت! قد دارستكم الكتاب، وفاتحتكم الحجاج، وعرفتكم ما أنكرتم، وسوغتكم ما مججتم، لو كان الأعمى يلحظ، أو النائم يستيقظ! وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية! ومؤدبهم ابن النابغة ["نهج البلاغة" ص258، 259]. الشيعة عند غيره من الأئمة فهذا ما قاله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأما ما قاله الحسن والحسين وغيرهما من "الأئمة المعصومين" عندهم، في الشيعة فكما يأتي فيروي، الكليني عن أبي الحسن موسى أنه قال: لو ميزت شيعتي ما وجدتهم إلا واصفة ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين" ["كتاب الروضة" للكليني ص107 ط الهند]. ويذكر الملا باقر المجلسي في مجالس المؤمنين، أنه روى عن الإمام موسى الكاظم أنه قال: ما وجدت أحداً يقبل وصيتي ويطيع أمري إلا عبد الله بن يعفور" ["مجالس المؤمنين" المجلس الخامس ص144 ط طهران]. وروى الكشي عن أبيه الجعفر أنه قال أيضاً: إني والله ما وجدت أحداً يطيعني ويأخذ بقولي إلا رجلاً واحداً – عبد الله بن يعفور" ["رجال الكشي" ص215 ط كربلاء العراق]. وذكر الحسن بن علي رضي الله عنهما شيعته، فقال: أرى والله معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي، وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا به إليه سلماً، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، ويمن علي فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر، ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت" ["كتاب الاحتجاج" للطبرسي ص148 ط طهران]. وقال: عرفت أهل الكوفة (أي شيعته وشيعة أبيه) وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً أنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل، وأنهم لمختلفون ويقولون لنا إن قلوبهم معنا وإن سيوفهم لمشهورة علينا" ["كتاب الاحتجاج للطبرسي رواية الأعمش ص149]. وقال أخوه الحسين لشيعته حينما اجتمعوا عليه بدل أن يساعدوه ويمدوه بعد ما دعوه إلى الكوفة وبايعوا مسلم بن عقيل نيابة عنه فقال لهم: تباً لكم أيتها الجماعة! وترحاً وبؤساً لكم وتعساً حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا وحششتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم ألبا على أوليائكم ويداً على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم ولا ذنب كان منا فيكم، فهلا لكم الويلات إذا أكرهتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم تستخصف ولكنكم استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفهاً [فهؤلاء الشيعة يا لطف الله؟ وهؤلاء الذين تريد أن يتقارب إليهم أهل السنة؟ فمن لم يفوا بأئمتهم ولم يخلصوا لهم أيفون ويخلصون للسنة ويصدقون القول لهم فماذا تقول أيها السيد؟ وبماذا ترد على الخطيب؟ وأي جماعة هي جماعتك وحزبك، وبنم تفتخر؟ يا لطف الله! فلبئس العشير عشيرتك] بعد أو وسحقاً لطواغيت هذه الأمة" ["كتاب الاحتجاج" للطبرسي ص145]. ومثل هذا كثير – فهذه هي الأسباب التي جعلتهم يلجئون إلى القول بالتقية، لأنه لا يمكن الجمع بين مدح الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان، وبين قدحهم، كما لا يمكن الجمع بين ذم الشيعة واللعن عليهم، وبين مدحهم، والقول: لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم . . . فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة" ["رجال الكشي" ص10 باب فضل الرواة والحديث ط كربلاء العراق]. فكيف الجمع بين هذا وذاك؟ فقالوا: إن الئمة ما قالوا ذلك إلا تقية فهذا هو المخلص الوحيد لهم من المآزق، ولكن من يقول لهم: من يدري ذلك كان تقية أم هذا؟ فأين الحق؟ وأين الصواب؟ وأين الكذب وأين الصدق؟ وأين الحق وأين الباطل؟ فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون. ثم يسأل إن كانت الأقوال في مدح الصحابة وأبي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين، والبيعة لهم، وتزويجهم إياهم بناتهم، وتبرئتهم من شيعتهم، وذمهم، تقية فمن أجبرهم على ذلك؟ وهل كان في ذلك الإجبار خوف على أنفسهم حتى اضطروا إلى مثل تلك الأقوال المبنية على الحقائق والوقائع مثل تخلف الشيعة عن مناصرة أئمتهم وذمهم أئمتهم على ذلك الخذلان. وموازنتهم أصحابهم الخزليين الفجرة مع أصحاب محمد الأوفياء المخلصين البررة، وشهادتهم بفضل الخلفاء الراشدين والبيعة لهم وقبول الوزارة عنهم والمشورة لهم. فمن أجبرهم على ذلك وأي خوف كان عليهم بتركهم هذه الأعمال والأقوال، فإن كان علي يبغض عمر فكان عليه أن يستشيره حينما استشاره في الشخوص لقتال الأعاجم والروم أن يتشخص ويتخض في القتال حتى يقتل ويستريح علي وأهل بيت النيب – كما يزعمون – ولكنه خلاف ذلك ينكر عليه الشخوص ويمنعه منعاً باتاً ويعده أصل العرب وكالنظام للخرز. فعدلاً يا عباد الله! الرد على القول بالتقية ثم استدلالهم على جواز التقية من الآيات القرآنية والأحاديث والروايات عند الخوف على النفس ليس إلا أضحوكة يضحك بها العقلاء. أولاً: - إن الاستدلال بالايات مثل قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وقوله: فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم، وقوله: وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون؛ وقوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء: وإلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان: وغير ذلك من الآيات والاستدلال بالروايات مثل قصة أبي جندل وغيرها وأبي ذر وأبي بكر. ليس إلا استدلالاً باطلاً. لأن الآيات واحدة منها، والروايات المروية في هذا الشأن لا تدل مطلقاً على جواز الكذب والتقية والإصرار عليه، بل الآيات والأحاديث تدل دلالة صريحة على أن الكذب والتقية الشيعية في الدين – لا يجوز بحال من الأحوال مثل قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" [سورة المائدة الآية67] وقوله: الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله: [سورة الأحزاب الآية39] وقوله: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين [سورة الحجر الآية94] وقوله تعالى: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" [سورة آل عمران الآية146] ولا يخافون لومة لائم" [سورة المائدة الآية54] وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [سورة التوبة الآية119] وقوله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً" [سورة الأحزاب الآية70]. وقوله عليه السلام: عليكم بالصدق: [رواه البخاري ومسلم]. وقوله : كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً فهو لك به مصدق وأنت به كاذب" [رواه أبو داود]. وقول علي رضي الله عنه: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده" ["الكافي في الأصول" باب الكذب]. وقال: الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك" ["نهج البلاغة"]. وأما الآيات التي استدلوا بها إن دلت على شيء دلت على جواز التورية كما في قصة إبراهيم أنه قال لهم: إني سقيم، يعني به سقيم من عملكم. وأما قصة يوسف فليس فيه تقية ولا تورية لأن معرفته إخوته وعدم إخبارهم بمعرفته لا يدل على التقية. وليس معنى قوله: إلا من أكره: أن يعلّم الناس الكفر ويفتيهم بالحرام، ويحرضهم على خلاف الحق بل كل ما فيه أنه لو اضطر وأجبر على القول بالكفر فله أن يتقول به من غير أن يعتقد ويعمل به [وذكر الخازن في تفسيره تحت هذه الآية: أجمعوا على من أكره على الكفر لا يجوز له أن يتلفظ بكلمة الكفر تصريحاً بل يأتي بالمعاريض وبما يوهم أنه كفر فلو أكره على التصريح يباح له ذلك بشرط طمأنينة القلب على الإيمان غير معتقد ما يقوله من كلمة الكفر ولو صبر حتى قتل كان أفضل لأمر ياسر، أو سمية، قتلا ولم يتلفظا بكلمة الكفر ولأن بلالاً صبر على العذاب ولم يلم على ذلك (تفسير خازن ص136 ج3)]. وأما قوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء: ليس فيه مسألة التقية مطلقاً وهكذا في قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لأن معناه أن لا يبخل المسلمون بشيء حتى ينجروا به إلى الهلاك، وبهذا فسره علماء الشيعة وأئمتهم ومفسروهم كما في "خلاصة المنهج" وغيره من تفاسير الشيعة. وأما قصة أبي جندل وأبي ذر فليس فيها شائبة للتقية، وقول أبي بكر للكفار حينما سألوه من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فقال: رجل يهديني السبيل: فلا علاقة له بالتقية، أما كان رسول الله يهديه إلى سبيل الخير، سبيل الجنة؟. وثم كما قال الشاه عبد العزيز الدهلوي في التحفة. إن التقية لا تكون إلا لخوف والخوف قسمان، الأول الخوف على النفس وهو منتف في حق حضرات الأئمة بوجهين، أحدهما أن موتهم الطبيعي باختيارهم (حسب زعم الشيعة) كما أثبت هذه المسألة الكليني في الكافي [وقد مر ذكرها في باب "الشيعة والسنة" مفصلاً] وعقد لها باباً وأجمع عليها سائر الإمامية، وثانيها أن الأئمة يكون لهم علم بما كان ويكون [أيضاً مرّ تفصيل هذه العقائد في الباب الأول] فهم يعلمون آجالهم وكيفيات موتهم وأوقاته بالتخصيص، فقبل وقته لا يخافون على أنفسهم، ولا حاجة بهم إلى أن ينافقوا في دينهم ويغروا عوام المؤمنين. القسم الثاني، خوف المشقة والإيذاء البدني والسب والشتم وهتك الحرمة، ولا شك أن تحمل هذه الأمور والصبر عليها وظيفة العلماء، فقد كانوا يتحملون البلاء دائماً في امتثال أوامر الله تعالى، وربما قابلوا السلاطين الجبابرة. وأهل بيت النبوي أولى بتحمل الشدائد في نصرة دين جدهم ، وأيضاً لو كانت التقية واجبة فلم توقف أمام الأئمة (علي) كرم الله تعالى وجهه عن بيعة خليفة رسول الله ستة أشهر؟ وماذا منعه من أداء الواجب أول وهلة؟" ["مختصر التحفة الاثنى عشرية" للشاه عبد العزيز الدهلوي باختصار وتهذيب السيد محمود شكري الآلوسي بتحقيق وتعليق السيد محب الدين الخطيب ط المطبعة السلفية سنة 1387ه‍]. ثم لم يكن علي وأولاده من ذي التقية لأننا كما ذكرنا عن أعيان الشيعة أن التقية لا تكون إلا عند الخوف على النفس ووقاية للشر وأئمة الشيعة حسب زعمهم كانوا يملكون من القوة ما لا يملكها الآخرون كما ذكرنا قبل ذلك في معتقدهم في الأئمة وكما ذكره الطبرسي أن عمر جادل سلمان وأراد أن يؤذيه: فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض" ["الاحتجاج" للطبرسي ص45 ط إيران]. وذكر الراوندي: أن علياً بلغه عن عمر ذكر شيعته، فاستقبله في بعض طرق لبساتين المدينة وفي يد علي القوس فقال يا عمر بلغني عنك ذكرك شيعتي، فقال: اربع على ظلعك، فقال: إنك لها هنا، ثم رمى بالقوس على الأرض فإذا هو ثعبان كالبعير فاغراً فاه وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه فصاح عمر: الله، الله، يا أبا الحسن لا عدت بعدها في شيء وجعل يتضرع إليه، فضرب بيده إلى الثعبان فعادة القوس كما كانت، فمضى عمر إلى بيته مرهوباً" ["كتاب الخرايج والجرايح" للراوندي ص20 و21 ط بومبئى الهند سنة 1301ه‍]. ونسب إلى علي أنه قال: إني والله لو لقيتهم واحداً وهم طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت" ["نهج البلاغة" خطبة علي رضي الله عنه]. وليس هذا بخاصة علي رضي الله عنه بل كل الأئمة هكذا يملكون من الشجاعة والقوة والمعجزات ما لم يحصل للآخرين كما روي عن أبي الحسن علي بن موسى – الإمام الثامن لهم – أنه قال: للإمام علامات، يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس وأشجع الناس . . . . يرى من بين يديه ولا يكون له ظل واقع إلى الأرض . . . ويكون دعاؤه مستجاباً حتى لو أنه دعا إلى صخرة لانشقت نصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله وسيفه ذو الفقار" ["الخصال، لابن بابويه القمي ص105 و106 ط إيران]. وفي رواية الكليني: ويملك الإمام أيضاً ألواح موسى وعصيه وخاتم سليمان كما يملك الاسم الذي لا يؤثر فيه الرماح والسهام، فمن يكون هذا شأنه لم يتقي وممن يتقي؟. وأخيراً إلى متى تجب هذه التقية أو بالتعبير الصحيح الكذب عند الشيعة؟. فيروي الأردبيلي عن الحسين بن خالد أنه قال: قال الرضا عليه السلام: لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له وإن أكرمكم عند الله أتقاكم فقيل له يا ابن رسول الله إلى متى قال إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا [وقد عمل السيد لطف الله الصافي بالتقية حين قال: رأى الشيعة جواز التقية وقد عملوا بها في الأجيال التي تغلب على البلاد الإسلامية أمراء الجور وحكام جبابرة مثل معاوية ويزيد و. و. . ."، ثم يقول: ولا يقاس هذا الزمان بعصر الأمويين والعباسيين . . ذلك زمان وهذا زمان (مع الخطيب في خطوطه العريضة للصافي). فهذا في هذا الزمان أيها الصافي! أن التقية لم تكن في ذلك العصر فحسب بل التقية جارية والكذب فاش في الشيعة إلى يومنا هذا، وحتى أنت أيها الصافي قد عملت بها في كتبك المملوءة من الأكاذيب والأباطيل. وها أنت تعمل بها الآن حيث تقول أن التقية كانت ولا تكون، حيث يقول أئمتك: أن التقية كانت ولا تزال حتى خروج القائم الذي لم يخرج بعد ولن يخرج إلى أبد الدهر. فمن الصادق أنت أو أئمتك؟ أو بألفاظ آخر من الكاذب، أنت أو أنت؟. فإليك روايات وأحاديث مذهبك التي جهلتها أو تجاهلت عنها خجلاً وحياء التي تظهر ما تكتم وتفشي ما تبطن وتفصح ما تخفي]. فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" ["كشف الغمة" للأردبيلي ص341]. وروى الكليني عن علي بن الحسن أنه قال: والله لا يخرج واحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله مثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فبعثوا به" ["كتاب الروضة" للكليني]. وكتب ابن بابويه: والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله ودين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة" ["الاعتقادات، لابن بابويه القمي]. فهذا هو دين الإمامية، دين الشيعة الاثنى عشرية، دين الكذب ودين الخداع والمكر، والكذب إلى الأبد لا نجاة منه. وقد ذكرا لله عز وجل في كتابه إيانا وإياهم وقال: فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين، والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين، ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون، أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد، ومن يهدي الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام، [سورة الزمر الآية32 إلى 36]. وصدق الله مولانا العظيم. ¸.•'´¯)¸.•'´¯) وآآآاســــلامــاه صـــرخـــت الـــم... فــهــل مـــن مــجــيســب..... اللهم اجعل راسلى ومستقبلى رسائلي من أحبابك المقربين وأحباب رسولك الحبيب اللهم واهدهم الى ما تحبه وترضاه اتمنى منكم الدعاء لمن هي اغلا من روحي امي العزيزة بالشفاء العاجل ربي يحفظكم دعـواكـم تـحـيـاتـي اخـوكـم الـمـخـلـص دومــــــــــا ولـــيــــس يــــــــوما راكــــان الـعــراقـــــي قـــاهـــر الــروافــض وللمزيد من الدروس والاسئلة والقصص والاناشيد والبرامج والكثير من الخدمات زورو موقعنا المتواضع www.malk-bla-mmlka.hexat.com ...الــيــســت جــراحـــي هــدايـــا الــقــدر??? •(-•ღاانـتـهــىღ•-)• لاي استفسار ايملاتي في خدمتك الا ما حرم الله ملك.بلا.مملكة@nimbuzz.com rakan.iraq@nimbuzz.com